آخر الأخبار
عاجل

أطفال يفرون من عقوبة التدخين ليقعوا في مصيدة هتك العرض

أطفال يفرون من عقوبة التدخين ليقعوا في مصيدة هتك العرض
الشريط الإخباري :  
حنان الكسواني

عمان- لم يتردد 5 أحداث من استغلال خوف الطفل علي (9 أعوام) وتهديده بإبلاغ والديه بأنه بدأ بممارسة عادة التدخين سرا في كراج عمارتهم، غير مدرك بطفولته البريئة، أنه بانصياعه لمطالبهم سيكون عرضة لجريمة هتك عرض متكرر وكشف عورات جسده.
الخوف من عقاب والده إذا علم بأن ابنه الصغير بدأ يدخن، دفع علي -اسم مستعار- للانصياع لرغبات "شاذة” لأحداث يقطنون معه في العمارة ذاتها، لكنهم تلذذوا بممارسة فعل فاحش مناف للآداب العامة ليس فقط في كراج العمارة، وحمامات المدرسة بل "أخذوه الى أرض خلاء وتعاقبوا على هتك عرضه وقاموا بتهديده إذا أخبر أهله” بحسب ملف القضية الذي حصلت "الغد "على نسخة منه.
غير أن إنذار حارس العمارة أبو العبد -اسم مستعار- قبل عامين أسرة أبو علي كان كفيلا بإنهاء معاناة ابنهم، عندما قال لوالده "ابنك بدخن دير بالك عليه”.
وقعت هذه الكلمات على مسامع والدي علي كالصاعقة، حيث "قامت والدة المجني عليه بأخذه جانباً وسؤاله عن موضوع التدخين فأخذ الطفل يجهش بالبكاء ليكشف عن تفاصيل جريمة هتك عرض متكرر بركنيها المادي والمعنوي” بحسب تفاصيل الحادثة الموثقة في ملف القضية.
وفعلا، جرت ملاحقة الأحداث الذين يقطنون في محافظة إربد بعد أن أبلغت الأم زوجها وشقيقها ووالدتها. وتم توجيه التهم للأحداث الخمسة والتي تتراوح عقوبتها الحبس في دار تأهيل الأحداث من سنة الى 3 سنوات محسوبة لهم مدة التوقيف بحسب كل جرم قد ارتكب بحق الطفل علي.
لم تكن قصة الطفل علي وحدها التي وثقها القضاء والتي تؤكد أن التدخين قد يؤدي الى الانحراف وتتحول الى جريمة كبرى تزج بمرتكبيها في غياهب السجون.
هذا ما حدث العام الماضي (خلال جائحة كورونا) مع الطفل سمير -اسم مستعار- عندما أعطى حدثا لم يتجاوز عمره 16 عاما سيجارة ليدخنها خلسة عن أسرته، الى أن تحولت هذه السيجارة لاحقا الى نار تكوي جسده.
لم يتوقع الطفل سمير ( 11 عاما) بأن يقوم الحدث ربيع -اسم مستعار- بتصويره بمقطع فيديو وهو يدخن، وأن هذه الصور ستتحول الى سلاح يتهدده إذا لم يسمح بممارسة الجنس معه. وفعلا حقق غايته في المرة الأولى وهتك عرضه، وقام بتصويره مرة أخرى في وضع "مناف للحياء”. وفقا لتفاصيل القضية.
لكن سمير بعد أن حاول الحدث ربيع وصديق آخر له بتهديده بمقاطع الفيديو ونشرها عبر صفحات "الفيس بوك” إذا لم يخضع لرغباتهما استخدم لأول مرة سلاحه الخاص بأن يصرخ عاليا في وجههما حتى ابتعدا عنه وفورا أبلغ والدته بما حدث معه وجرت الملاحقة، بحسب قول الشهود في ملف القضية.
وبناء على الأدلة التي أثبتت وجود الفيديوهات في هاتف المتهم، وبخاصة فيديو السيجارة والوضع المخل بالآداب، فقد اعتبرت المحكمة أن هذا الفعل يشكل جنحة التهديد بحدود المادة 415 من قانون العقوبات بالحبس لمدة 3 أشهر والغرامة 50 دينارا والنفقات والرسوم فيما ذهبت بقرارها حول جريمة "هتك العرض” الى قانون العقوبات المادة 299 .
ويعتبر جرم هتك العرض لمن لم يكمل الثانية عشرة من العمر وفقاً لأحكام المادة (299) من قانون العقوبات بأنه:-كل من هتك بالعنف أو بالتهديد عرض إنسان يعاقب بالأشغال مدة لا تقل عن أربع سنوات. بينما يكون الحد الأدنى للعقوبة سبع سنوات إذا لم يتم لمعتدى عليه الخامسة عشرة من عمره.
واعتبر الباحث والخبير في الدراسات الاجتماعية الدكتور حسين الخزاعي أن الحديث عن القضايا الجنسية من المحرمات في مجتمعنا بخاصة الأفعال التي يرتكبها الذكور "علما أن أهم الأسباب التي تدفع الأطفال نحو التدخين هو التفكك الأسري وعدم مراقبة سلوكيات ابنائهم في المنزل أو في المدرسة وبخاصة عندما يبدأ الطالب بالتسرب من المدرسة ليدخن مع رفقاء السوء”.
وإلى جانب حب الأطفال تقليد المدخن وخوض لذة التجربة، قال الخزاعي، ان الفقر والجوع والحرمان والضغط النفسي تدفع بعض الأطفال والمراهقين لتجربة التدخين لاعتقادهم ان هذه العادة قد تخلصهم من واقعهم الاجتماعي، مشيرا إلى وجود علاقة بين التدخين والتحرش الجنسي وهتك العرض بخاصة إذا تعرض الطفل المدخن (أقل من 18 عاما) للابتزاز الجنسي والتهديد بفضح أمره وهو الذي يجهل آليات الدفاع عن نفسه.
وبين أن أول طريق نحو الانحراف الكامل يبدأ من التدخين، مؤكدا "أن 75 % ممن يتعرضون للاعتداء الجنسي لا يبلغون ذويهم عما حدث معهم نتيجة خوفهم إما من المتحرش أو من ردة فعل الأهل ذاتها في ظل سيطرة ثقافة الخجل وعدم معرفتهم بالتعامل مع هذا النوع من القضايا”.
ونظرا لهذه النسبة المرتفعة، قال الخزاعي، لا بد من بناء جسور ثقة وطمأنينة وامان بين الأهل والابناء لدفع أبنائهم للحديث عن أي سلوكيات يرفضها الدين والمجتمع معا، وفي المقابل على الأهل عدم منح الثقة المطلقة للأقارب والجيران والأصدقاء، داعيا الأهل إلى عدم الصمت والتبليغ عن المتحرشين مباشرة لحماية أبنائهم وتوفير الدعم النفسي لهم.
وإذا تعرض الأطفال علي وسمير لجريمة هتك العرض نتيجة سيجارة فإن الطفل زيد -اسم مستعار- تعرض لضغوطات وتهديدات دفعته إلى ارتكاب جريمة السرقة من بقالة والده لإسكاتهم وطمس ملامح أي وصمة مجتمعية قد تلتصق به.
وبدأت قصة زيد (13 عاما)، بحسب ملف القضية، عندما قام عشريني بتصويره من هاتفه الخلوي لحظة هروبه من مدرسته وهو يشعل سيجارته، "ليعود اليه بعد عدة أيام طالبا منه مرافقته إلى قطعة أرض في البلدة فيها شجر كثيف وعندما وصلا تحت شجرة قام بربط المجني عليه من يديه ورجليه ونزع المتهم ملابسه ثم قام بتصويره مرة أخرى بواسطة هاتفه الخلوي”.
لم يكتف الشاب بذلك بل قام بتسريب فيديوهات المجني عليه الى صديقيه ولم يكتفيا بالضغط عليه لممارسة الجنس معه بل دفعاه إلى سرقة محل والده ماليا ومنحهما بعض الأغراض مجانا.
وبحسب القضية "لم يخبر المجني عليه أهله ولم يعد يذهب إلى المدرسة إلى أن التقى بالمتهمين الثلاثة وقاموا بضربه علماً بأن المتهم الأول وقبل هذه الحادثة بأسبوع قام بالاعتداء على المجني عليه بحرقه بواسطة سيجارة”.
ونتيجة لغياب الطفل زيد المتكرر عن المدرسة وعزلته منزليا، انتبه شقيقه لسلوكيات أخيه الجديدة وضغط عليه حتى قال اعترف له لأن "المتهمين قاموا بالاعتداء عليه جنسياً” وتمت ملاحقة المتورطين بالقضية وتحويلهم الى القضاء.
وتتمثل علامات التحرش وكذلك جريمة هتك العرض، بظهور علامات نفسية وجسدية على الأطفال والمراهقين من أهمها الخوف الشديد من الآخرين والعزلة المجتمعية، واخفاء أي علامات قد تظهر على جسم الطفل بالإضافة الى التبول اللارادي، حسبما أضاف الخزاعي، داعيا الى "حماية هذه الفئة قانونيا وبما يحقق لهم المصلحة الفضلى”.
وبحسب التقرير الاحصائي الجنائي الصادر عن إدارة المعلومات الجنائية 2020 فإن الجرائم الجنسية التي ارتكبها الاحداث بلغ عددها العام الماضي 187 جريمة، مقارنة بـ 310 العام 2019، ومع ذلك فقد شهدت جرائم الاغتصاب ارتفاعاً بنسبة 45.5 % (16 جريمة العام 2020 مقارنة مع 11 العام 2019)، فيما انخفضت باقي الجرائم الجنسية، منها جرائم هتك العرض التي بلغت 158 العام 2020 مقارنة بـ 280 العام 2019، وفقا للتقرير.
من جهتها، دقت أمين سر جمعية (لا للتدخين) لاريسا الور ناقوس الخطر أمام كافة الجهات الرسمية بخطورة التدخين على الأطفال وتداعياته السلبية على صحتهم ما يستدعي تغليظ العقوبات القانونية بحق المدخنين في الأماكن العامة.
وشددت الور في حديثها لـ "الغد” على ضرورة حماية الأطفال من التدخين السلبي الذي يضعهم على طريق "الموت البطيء والادمان” سواء في المنزل أو في الأماكن العامة، لافتة إلى أن خطورة التدخين في حالة الأطفال والمراهقين تمتد الى الجهاز المناعي، والنمو، والبلوغ، والخصوبة، والقدرة الجنسية.
وفي أعام 2017 أطلق المجلس الوطني لشؤون الأسرة ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) حملة على مواقع التواصل الاجتماعي، تستهدف رفع الوعي للحد من العنف ضد الأطفال، تضمنت بمحاورها قضايا العنف والإساءة الجنسية ضد الأطفال بما فيها الإساءة الجنسية الإلكترونية.
"المسكوت عنه مش معناه مو موجود، الإساءة الجنسية عنف خلف أبواب مغلقة”.. أحد الشعارات التي اتخذتها حملة "علَّم لا تعلّم” للتوعية من مخاطر وتبعات العنف على الأطفال.
الغد